Powered By Blogger

الثلاثاء، 31 مايو 2011

خوف

أخذت أول قضمة من تفاحتها, وهى تنظر إلى الساعة وجدتها تجاوزت السابعة,  نظرت نظرة أخيرة للمرآة وأخذت شنطتها ومفاتيحها وغادرت المنزل مسرعة فقد تأخرت قليلا على ميعاد السيارة التى تقلها للعمل.
نزلت إلى الشارع وهى تحاول الإسراع من خطواتها لعلها تسبق الزمن , حتى لا يسمعها  "على"  سائق السيارة مزاحه اليومى عن مواعيدها الفلصو -على حد قوله-.
كانت قد وصلت الشارع الجانبى الذى يفضى بها إلى الشارع الرئيسى حيث تنتظرها سيارة العمل,  يدها ماتزال تحمل التفاحة فأخذت منها قضمة ثانية, وهى تسير فى طريقها.
لمحته على الجانب الأخر من الشارع يمشى فى عكس إتجاهها , شيئا ما فى هيئته جذب نظرها.    
هو شاب فى العشرين من عمره أو نحو ذلك, أشعث الشعر, ذقن نابتة وعيون زائغة.
لم ينتبه إليها ولا إلى نظراتها المتفحصة أو هكذا ظنت.
هى على حالها تتقدم فى طريقها ولكن  سرعة خطواتها كانت قد خفت قليلا -دون أن تدرى- وهى تراقف هذا الشاب, بينما هو وقف فجأة وكأنما تذكر شيئا, تخيلت إنه سيدور على عاقبيه ويعود من حيث أتى , لكنه إنحنى ورفع طرف بنطاله من أسفل  ليكشف عن جوربه ويدخل يده به, حركته أخافتها, بدأ ت  دقات قبها تتسارع.  
كانت بمحاذاته تقريبا عندما لمحت شيئا معدن يلمع تحت يده , بدأ قلبها يخفق بشدة أكثر و خطواتها تتسع وتتسارع تكاد تركض,  حتى تجاوزته . لكنها ظلت تنظر للخلف مخافة أن ينكض عليها من خلفها  -أى تفكير شيطانى هذا-,  لكنها وجدته فى مكانه كما هو يسمر نظره على شيئا فى الجهة المقابلة له, لا تدرى ما يدور بخلده -تمنت بشدة لو تعرف ما يدور بخلده- ظلت تركض, خوفها يحركها وعقلها يوجه رأسها للخلف.  
 
إطمأنت قليلا بعد أن وصلت للشارع الرئيسى وبدأت دقات قلبها تهدأ وخطواتها تبطئ كأنما نست تأخرها.
أكملت على تفاحتها وهى تنظر للوجوه كعادته فى تأمل الأشخاص , وقعت عينيها على لون أزرق يغطى واجهة محل فدندنت 
الموج الأزرق فى عينيه ..... ينادينى نحو الأعمق
وأنا ما عندى تجربة ............. فى الحب ولا عندى زورق
وجدت السيارة تنتظرها, فركبت وإعتذرت من الجميع على التأخير 
جلست فى مقعدها بجانب النافذة , وبدأت تقص عليهم ما حدث معها 
فوجدت الجميع غير مبالى بحكايتها.
فكرت للحظة , نعم إنهم على حق ماذا حدث لكل هذا الرعب الذى ملأ  نفسها لمجرد مشاهدة شخص قد يكون  سلوكه مريب لكنها لم ترى شيئا يدعو للخوف, إبتسمت إبتسامة إستخفاف, وأسندت رأسها على النافذة و أكملت
إنى أتنفس تحت الماء 
إنى اغرق 
اغرق  
                          اغرق....               

السبت، 7 مايو 2011

ضعـف

كانت تتحدث إلى صديقتها عبر الهاتف, عندما صعد إلى الميكروباص. جلس فى المقعد أمامها ,لم تلتفت إليه ولا تدرى ان كان نظر إليها أو لا .
كانت تجلس بجانب الشباك وتنظر إلى الطريق بينما تتناقش مع صديقتها فى موضوع خاص بهما.
وتموضع هو فى  نفس المكان فى الكنبة الأمامية.
مرت دقائق بعد صعوده لم تحسبها ,حانت منها بعدها نظرة إلى الأمام وعادت ثانية. لكن ذاكرتها المرئية حملت معها صورة بدأت تستوعبها بعد ثلاث ثوان من عودة نظرها إلى الطريق .
فهذا الرجل الجالس أمامها كان يحمل فى يديه موبيل ذو كاميرتين  فى مجال رؤيتها. شكل الشاشة يدل على أن أحدى هاتين الكاميرتين مفتوحة, تحديدا الكاميرا الأمامية . الصورة الموجودة على الشاشة أمامها تبدو مألوفة ... هى ... هى..  صورتها. 
فجأة شعرت بحالة من الغليان بداخلها, عصبية مفاجئة تملكت أطرافها .
كيف له أن يتعدى عليها بهذه الطريقة؟!!
أغلقت الهاتف مع صديقتها بعصبية تجلت فى صوتها الذى أرتفع عن نبرته الطبيعية ,والطريقة المفاجئة التى حاولت أن تنهى بها المكالمة جعلت صديقتها على الطرف الاخر تقلق وتسألها إن كان ثمة شئ قد حدث !! 
لم تجاوب صديقتها, وأغلقت الهاتف, وهى تحاول أن تستجمع أفكارها وترتبها لتعرف ماذا تفعل ؟
فهذا موقف غريب عليها ولا تدرى ماذا تفعل ؟ هل تصرخ فيه ماذا تفعل !!! أم تحاول أستجداء المساعدة من الأشخاص القليلين الموجودين بالسيارة والذى يبدو أنهم لم يلاحظوا شئ , أم تحاول أن تخطف الهاتف منه بأى طريقة .
بدأت ترتبك وتضعف ويضعف معها موقفها وقضيتها...
هو على ما يبدو علم أنها رأته وبدأ يتلفت شمالا ويمينا مثل اللصوص .
نظر إلى الخلف فوجد عيونا مليئة بالغضب والاستحقار لم يستطع أن يصمد أمامها طويلا, والتفت ثانية إلى الأمام.
هى, عيونها كانت تعكس ما يجيش بداخلها من مشاعر غضب وكره لهذا الشخص. 
لكن لسانها عجز ان ينقل ما يدور فى عقلها من سباب.
مع كل لحظة تمر تشعر بأنها تفقد السيطرة على الموقف, تضيع حقها, وتضعف. 
ظلت تحاول وتحاول أن تقتل هذا الصمت, هذا التبلد, وهذا الضعف. لكن حالة من الجمود كانت قد تملكتها.
لم تستطع أن تفعل معها شيئا سوى الاستمرار فى النظر إلى رأس هذا الكائن أمامها.
ظل هو على ارتباكه والتفاته شمالا ويمينا. إلى أن جاءت المحطة التى غادر فيها السيارة. لكنه لم يذهب قبل أن يلقى عليها نظرة أخيرة.
وقتها استجمعت هى كل شجاعتها وبصقت فى وجهه بصقة حملت كل معانى الغضب والاستحقار,ثم أسندت رأسها إلى زجاج النافذة , وبدأت دموعها تنحدر على خديها فى صمت.