أخذت أول قضمة من تفاحتها, وهى تنظر إلى الساعة وجدتها تجاوزت السابعة, نظرت نظرة أخيرة للمرآة وأخذت شنطتها ومفاتيحها وغادرت المنزل مسرعة فقد تأخرت قليلا على ميعاد السيارة التى تقلها للعمل.
نزلت إلى الشارع وهى تحاول الإسراع من خطواتها لعلها تسبق الزمن , حتى لا يسمعها "على" سائق السيارة مزاحه اليومى عن مواعيدها الفلصو -على حد قوله-.
كانت قد وصلت الشارع الجانبى الذى يفضى بها إلى الشارع الرئيسى حيث تنتظرها سيارة العمل, يدها ماتزال تحمل التفاحة فأخذت منها قضمة ثانية, وهى تسير فى طريقها.
لمحته على الجانب الأخر من الشارع يمشى فى عكس إتجاهها , شيئا ما فى هيئته جذب نظرها.
هو شاب فى العشرين من عمره أو نحو ذلك, أشعث الشعر, ذقن نابتة وعيون زائغة.
لم ينتبه إليها ولا إلى نظراتها المتفحصة أو هكذا ظنت.
هى على حالها تتقدم فى طريقها ولكن سرعة خطواتها كانت قد خفت قليلا -دون أن تدرى- وهى تراقف هذا الشاب, بينما هو وقف فجأة وكأنما تذكر شيئا, تخيلت إنه سيدور على عاقبيه ويعود من حيث أتى , لكنه إنحنى ورفع طرف بنطاله من أسفل ليكشف عن جوربه ويدخل يده به, حركته أخافتها, بدأ ت دقات قبها تتسارع.
كانت بمحاذاته تقريبا عندما لمحت شيئا معدن يلمع تحت يده , بدأ قلبها يخفق بشدة أكثر و خطواتها تتسع وتتسارع تكاد تركض, حتى تجاوزته . لكنها ظلت تنظر للخلف مخافة أن ينكض عليها من خلفها -أى تفكير شيطانى هذا-, لكنها وجدته فى مكانه كما هو يسمر نظره على شيئا فى الجهة المقابلة له, لا تدرى ما يدور بخلده -تمنت بشدة لو تعرف ما يدور بخلده- ظلت تركض, خوفها يحركها وعقلها يوجه رأسها للخلف.
إطمأنت قليلا بعد أن وصلت للشارع الرئيسى وبدأت دقات قلبها تهدأ وخطواتها تبطئ كأنما نست تأخرها.
أكملت على تفاحتها وهى تنظر للوجوه كعادته فى تأمل الأشخاص , وقعت عينيها على لون أزرق يغطى واجهة محل فدندنت
الموج الأزرق فى عينيه ..... ينادينى نحو الأعمق
وأنا ما عندى تجربة ............. فى الحب ولا عندى زورق
وأنا ما عندى تجربة ............. فى الحب ولا عندى زورق
وجدت السيارة تنتظرها, فركبت وإعتذرت من الجميع على التأخير
جلست فى مقعدها بجانب النافذة , وبدأت تقص عليهم ما حدث معها
فوجدت الجميع غير مبالى بحكايتها.
فكرت للحظة , نعم إنهم على حق ماذا حدث لكل هذا الرعب الذى ملأ نفسها لمجرد مشاهدة شخص قد يكون سلوكه مريب لكنها لم ترى شيئا يدعو للخوف, إبتسمت إبتسامة إستخفاف, وأسندت رأسها على النافذة و أكملت
إنى أتنفس تحت الماء
إنى اغرق
اغرق
اغرق....