ظل يروح ويأتى, يحركها يمينا ويسارا, يعاملها بعناية بالغة,
يود لو يركنها داخل العمارة او داخل عنين البواب -الذى وقف يراقبه بتململ-
بعد نصف ساعة من محاولاته لركن سيارته الجديدة خرج أخيرا ووقف امامها يتأملها بنظرة تملؤها الاعجاب والزهو
لف حولها مرتين أو ثلاث يفحصها بعينه المجردة يمسح عنها غبار الشارع
يخطو خطوتين بإتجاه باب المنزل ويرجع ثلاث ليتأكد أنه قام بركنها بطريقة صحيحة. يعود يتحرك ثانية تجاه البيت ثم وكأنه تذكر شئ يعود ليفتح باب السيارة ,يجلس بها يتفحص ويتمحص يلعب بإى شئ ليبقى بها مدة اطول.
وكأنه يستمد امانه من وجوده بداخلها.
وأخيرا يخرج ويذهب , يبدو من مشيته كمن قرر ألا يعود لكنه ما أن وصل إلى باب العمارة حتى التفت مرة أخرى وعاد ليتفقد بابها وما إذا كان مغلق أم لا.
وسط كل هذا الذهاب والمجئ والتردد والتفقد وقف يراقبه من بلكونة بيته مستندا على السور الحديدى للشرفة بذراعيه, يحمل فى يده سيجارة العصارى التى لا غنى عنها مع كوباية الشاى المظبوطة بعد وجبة الغداء.
كان ينظر إليه مستغربا كل هذا الاهتمام المبالغ فيه بمجرد قطعة خردة -من وجهة نظره- لكنه أستوقف سيل الافكار المتدفقة التى تهاجم وبشدة سلوك هذا الجار المتباهى بسؤال "طب ولو كانت عندك مش كنت هتعمل زيه كدا بردو"
تتابعت الافكار " وطب منين , دانا موظف حكومة على قدى ,مرتبى نصه سجاير ونصه موصلات ,هو انا لاقى اجيب شقة ايجار , هو انا حتى اقدر افكر فى الجواز دلوقتى ,دانا بكمل الشهر بالعافية ,وساعات من ابويا و دانا ,, ودانا ,, ودانا ,,,"
لكنه وسط كل هذه الامواج المتلاطمة من الافكار ,
تمنى وبشدة لو تصبح هذه السيارة ملكه.
نفث دخان سيجارته بعصبية ورشف من شايه وهو سابحا فى أفكاره.
خلف ثقب صغير من الشباك المقابل, وقفت هائمة فى هذا الجار الشارد دائما , تنتظر وقت العصر بفارغ الصبر كل يوم -فهذه لحظاتها الخاصة- تفكر, فيم ياترى يفكر , فيمن ياترى يسرح , هل يلاحظها , هل يعرف عنها شئ .
تتابع حركاته , تحفظ ردود أفعاله, وتتعلق بتفاصيله . فبعد هذا الوقت الطويل من مراقبته أصبحت تعيه وتستوعبه أكثر مما يمكن أن تكون قد فهمت نفسها فى يوم .
فهى تحفظ جميع حالاته وإشاراته وإيمائاته.
مع أنها يئست أن يلاحظها حتى.
من خلفها جلست تتأملها بعيون متعاطفة , حانقة على حظ ابنتها الذى أوقعها فى غرام هذا الجار المعدم الذى لا يدرى عنها شيئا.
ابتسامة ساخرة وصوت خفيض تحاور به نفسها " رضينا بالهم ,,,"
فهى كأى أم تريد لابنتها الوحيدة رجل يكفياها شر حوائج الدنيا.
ما الذى يمنع أن تتزوج ابنتها من رجل ذو وظيفة محترمة يمتلك شقة فخمة وسيارة حديثة.
فابنتها فى عينيها تمتلك المؤهلات الكافية لتنال العريس "الحلم".
توقفت عن ندب حظ ابنتها ولملمت احلامها واتجهت بها إلى البلكونة لتقذف بها إلى الهواء لعله يوصل الطلب.
رفعت عينيها تلقائيا للشباك المقابل وكأن قوة داخلية أخبرتها بأن ثمة من ينظر إليها فإذ ب "الحاجة".
التى كانت تقف بالشباك لتراقب ابنها الحبيب وهو يركن سيارته الجديدة .
حياتها بابتسامة كبيرة و "مبروك يا حاجة ع العربية الجديدة"
ردت "الله يبارك فيكى يا حبيبتى" بابتسامة صفراء تملأ وجهها و عقلها يردد
"قل أعوذ برب الفلق".
حلوة اوى يا دعاء
ردحذفوفكرتها جميلة جدااا
فى انتظار المزيد
دينا عماد
مرة ابويا قالي : الانسان الحر هو اللي يتصرف قدام الناس كأنة قاعد في التواليت " لوحده اكيد " و يتصرف بينة و بين نفسة كأن كل الناس بتراقبة
ردحذففكرة عبقرية اوي ، مش عارف لية فكرتني بكلام ابويا ، يمكن كمان اسم المدونة ربط الدنيا اكتر ؟!
!brilliant