Powered By Blogger

الاثنين، 28 يوليو 2014

عن كيف كان النسيان مرًا!

ربما يكون النسيان هو أكثر ما يزعجها في فراقهما، تستعيد كل ليلة قبل نومها تفاصيلهما سويًا، تجرب أحيانًا تدوينها، تحكي في خيالها أحاديثهما وضحكاتهما وخلافاتهما حتى، قبل أن تستيقظ كل صباح لتجد عقلها قد أسقط ذكرى ما من حساباته، اﻷسوء هو أن جميع محاولاتها لاستعادة هذه الذكرى لا تُجدي.

تعود بذاكرتها للخلف قليلًا، حينما كانت صغيرة، طفلة، أكثر ما يهمها من العالم هو الليل وما يحمله لها من أوقات مرح أمام باب منزلها، تتذكر ذلك الرجل، جارها العجوز، الذي لم يرزقه الله أطفالًا، فكان يعتبرها بمثابة ابنة له، تتذكر كيف كانت تُحبه، وتجلس إلى جانبه دائمًا في دكانه الصغير، لكن أكثر ما يدفعها للحزن دفع، هو نسيانها تفاصيل وجهه، تكاد تموت غيظًا وهي تحاول استرجاع ملامحه، تشعر بحزن كبير قبل أن تنسى ثانية..

 ربما يكون خوفها من فراقهما هو أكثر ما يذكرها بهذا العجوز الطيب، الذي ظل سنين طويلة يستعطف الله أن يمنحه طفلًا، وعندما رُزق به مات، حزنها على ذكرياتهما التي تتقلص يوم تلو اﻷخر، على حكاياتهما معًا التي تبذل جهدًا كبيرًا للاعتناء بهم وإبقائهم في ذاكرتها ﻷطول وقت ممكن،  أكثر ما يرعبها فعلا أن تستيقظ يومًا وتجد نفسها قد نست ملامحه هو أيضًا، أن تجد صعوبة في تذكر كيف كان يأكل أو كيف كان يشرب سجائره أو كيف كانت دموعه وهو يودعها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق